5 تصرّفات خاطئة تقوم بها مسؤولة عن إصابتك بالاكتئاب
إن الاكتئاب هو حالة نفسية معقدة تؤثر على الحياة اليومية للأفراد، وقد تتعدد أسبابه من بيئية إلى جينية إلى اجتماعية. ومع ذلك، هناك بعض التصرفات والسلوكيات التي قد تساهم بشكل كبير في تفاقم هذا الشعور وتحويله إلى حالة مرضية تؤثر بشكل عميق على جودة الحياة. وبالرغم من أن الاكتئاب قد يتطلب علاجات متعددة من بينها العلاج النفسي والدوائي، فإن بعض العادات اليومية قد تكون هي المسؤول المباشر عن تدهور الحالة النفسية بشكل غير مرئي.
في هذا المقال، سنتناول خمس تصرفات خاطئة تقوم بها كثير من الأشخاص في حياتهم اليومية والتي قد تؤدي إلى إصابتهم بالاكتئاب دون أن يدركوا ذلك.
1. إهمال العناية الذاتية
من أكثر التصرفات الخاطئة التي تساهم في الاكتئاب هو إهمال الشخص للعناية الذاتية، سواء كان ذلك في الجانب البدني أو النفسي. في عالم اليوم سريع الوتيرة، قد ينسى البعض تخصيص وقت لأنفسهم وسط مشاغل الحياة اليومية. كثير من الأشخاص يظنون أن إهمال الراحة أو الترفيه من أجل العمل أو تلبية احتياجات الآخرين هو نوع من التضحية، لكن هذا السلوك قد يؤدي إلى تراكم الضغوط النفسية والشعور بالإنهاك، مما يجعل الشخص عرضة للانزلاق نحو الاكتئاب.
العناية الذاتية لا تعني فقط أخذ قسط من الراحة الجسدية، بل تشمل أيضاً الاهتمام بالجانب النفسي، مثل ممارسة التأمل أو التحدث مع شخص مقرب. عند تجاهل هذا الجانب، يشعر الشخص بالوحدة والعجز، وهو ما يزيد من فرص تطور الاكتئاب.
2. التجاهل المستمر للمشاعر السلبية
من الأخطاء الشائعة التي قد يقترفها الأفراد هو تجاهل مشاعرهم السلبية أو محاولة التهرب منها. قد يتجنب البعض مواجهة مشاعر الحزن أو الغضب أو القلق على اعتقاد أنهم إذا تجاهلوها لفترة من الزمن فإنها ستختفي تلقائيًا. إلا أن هذا السلوك لا يؤدي إلى التخلص من تلك المشاعر، بل إلى تراكمها مع مرور الوقت حتى تصبح عبئاً ثقيلاً على النفس.
الشعور بالحزن أو القلق هو جزء طبيعي من الحياة، ولكن عندما نرفض أو نتجاهل هذه المشاعر، فإننا لا نسمح لأنفسنا بالتعامل معها بشكل صحي. هذا النوع من الهروب النفسي قد يؤدي إلى الشعور بالعجز وفقدان القدرة على التحكم في الحياة، وهو ما يعد من العوامل التي قد تحفز الاكتئاب. لذا، من المهم أن يتعلم الإنسان كيفية مواجهة مشاعره السلبية بدلاً من تجاهلها.
3. العزلة الاجتماعية المستمرة
في كثير من الأحيان، يعتبر العزل الاجتماعي سلوكاً دفاعياً من الشخص ضد الشعور بالضغوط أو الصدمات العاطفية. قد يظن الشخص أنه عندما يبتعد عن الآخرين ويبتعد عن التفاعل الاجتماعي، فإن ذلك يخفف من التوتر النفسي أو يسهم في تجنب المواجهات العاطفية المؤلمة. لكن الحقيقة أن العزلة تزيد من مشاعر الوحدة، وتزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.
تعد التفاعلات الاجتماعية جزءاً مهماً من صحة الإنسان النفسية. قد تساعد الأوقات التي تقضيها مع الأصدقاء والعائلة أو حتى مع زملاء العمل في تخفيف الضغوط النفسية، وتجعل الشخص يشعر بأنه جزء من شبكة دعم اجتماعي. عندما يصبح الشخص معزولًا عن هذه الشبكة، قد تبدأ المشاعر السلبية في التراكم، مما يؤدي إلى تدهور الحالة النفسية.
4. التوقعات العالية والمثالية
كثير من الناس يواجهون التوقعات العالية من أنفسهم أو من الآخرين. في بعض الأحيان، يضع الأشخاص لأنفسهم معايير غير قابلة للتحقيق أو يتوقعون الكمال في كل شيء يفعلونه. هذه المثالية، التي يعتقد البعض أنها سمة إيجابية، قد تؤدي في الواقع إلى شعور مستمر بالإحباط والفشل عندما لا يتمكنون من تحقيق هذه التوقعات. الشعور المتكرر بعدم الكفاءة أو عدم التقدير هو أحد العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى الاكتئاب.
الأشخاص الذين يسعون لتحقيق الكمال عادة ما يعانون من مشاعر الشك في النفس، ويكونون في حالة من القلق المستمر بشأن أدائهم. هذا النوع من التفكير يخلق حلقة مفرغة من الفشل والإحباط، حيث يظن الشخص أن أي خطأ أو نقص في أدائه هو دليل على عدم قدرته أو قيمته، مما يؤدي في النهاية إلى الاكتئاب.
5. تجاهل التغييرات الجسدية والصحية
العديد من الأشخاص يعانون من اضطرابات نفسية في ظل مشكلات صحية غير معالجة. الاكتئاب قد يتفاقم نتيجة لإهمال الحالات الصحية الأخرى، مثل اضطرابات النوم، السمنة، أو حتى المشكلات الهرمونية. يعتبر الجسد والعقل جزءين لا يتجزأ من حياة الإنسان، وتجاهل أي مشاكل جسدية قد يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية.
على سبيل المثال، مشاكل النوم المتكررة قد تؤدي إلى تدهور الحالة المزاجية وزيادة القلق، مما يساهم في الشعور بالإرهاق والضغط النفسي. كما أن سوء التغذية أو نقص النشاط البدني قد يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب. من المهم أن يتعامل الشخص مع صحته الجسدية بجدية، وأن يسعى للحصول على المشورة الطبية في حال وجود أي مشاكل صحية تؤثر على حالته النفسية.
الخلاصة
العديد من السلوكيات اليومية التي قد تبدو عادية أو غير ضارة قد تكون هي السبب وراء تفاقم الاكتئاب. إن الاعتناء بالنفس، مواجهة المشاعر السلبية، والحفاظ على علاقات اجتماعية صحية يمكن أن تكون من بين الأدوات الفعالة لمكافحة الاكتئاب والحد من تأثيره. علاوة على ذلك، يجب على الشخص أن يتعلم كيف يكون واقعياً في توقعاته من نفسه ومن الآخرين، وألا يهمل أي مشكلات صحية قد تؤثر عليه جسديًا وعاطفيًا.
إذا كانت هذه السلوكيات غير صحية تتكرر في حياتك اليومية، فقد يكون الوقت قد حان لإجراء تغيير جدي في نمط حياتك. من خلال ممارسة العناية الذاتية، والتعامل مع مشاعرنا بصدق، والحفاظ على روابط اجتماعية قوية، يمكننا الحد من فرص الإصابة بالاكتئاب، مما يساعدنا في العيش حياة أكثر توازناً وصحة نفسية.
